0 تصويتات
في تصنيف بكالوريا 2025 بواسطة (687ألف نقاط)

هل أصل الرياضيات العقل أم التجربة

مادة الفلسفة للسنة للسنة الثالثة ثانوي 

مقالة فلسفية للسنة الثالثة ثانوي

شعبة علوم تجريبية - رياضيات - تقني رياضي - تسيير و اقتصاد

--

مقالة فلسفية حول هل أصل الرياضيات العقل أم التجربة ؟

طرح المشكلة :لقد أولع الإنسان منذ الزمن الغابر على طلب الحقيقة بكل أصنافها ؛ منها النمط الفلسفي و النمط العلمي و أعظمها شأنا النمط الرياضي ، الذي واكب كل تطورات الإنسان عبر العصور و ميز أعظم الحضارات بقوتها المادية ، لكن التفكير الفلسفي - سيد المعارف في العصور القديمة و العصور الوسطى – اهتم بالمعرفة الرياضية اهتماما تعلق بمناهجها ، بمنطلقاتها ، و قبله تساءل حول نشأتها ؛ فانقسم المفكرون في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية إلى نزعتين ، نزعة عقلية أو مثالية يرى أصحابها أن المفاهيم الرياضية من ابتكار العقل دون التجربة ، ونزعة تجريبية أو حسية يذهب أنصارها إلى أن المفاهيم الرياضية مهما بلغت من التجريد العقلي ، فإنها ليست من العقل في شيء ، بل يكتسبها الإنسان عن طريق تجاربه الحسية . فما حقيقة الأمر؟ فهل المفاهيم الرياضية في نموها انبثقت من التجربة أم من العقل ؟ أي الفريقين على صواب ؟

محاولة حل المشكلة :

1 - الأطروحة : إن المفاهيم الرياضية ، فيما يرى الموقف العقلي أو المثالي ، نابعة من العقل و موجودة فيه قبليا ، أي بمعزل عن كل تجربة . فهي توجد في العقل قبل الحس أي أن العقل لم يفتقر في البداية إلى مشاهدة العالم الخارجي حتى يتمكن من تصور مفاهيمه ودليلهم على ذلك أننا إذا تصفحنا تلك المعرفة وجدناها تتصف بمميزات منها ، المطلقية و الضرورة والكلية ، وهي مميزات خالصة موجودة في المعرفة الرياضية، وتتعذر في غيرها من العلوم التي تنسب إلى التجربة و لقد وقف للدفاع عن هذا الرأي عدد من الفلاسفة من العصر القديم إلى العصر الحديث أمثال أفلاطون و ديكارت وإيمانويل كانط نذكر مواقفهم فيما يلي :

أ : نجد التفسير المثالي القديم مع الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي أعطى السبق للعقل الذي – بحسبه - كان يحيا في عالم المثل ، وكان على علم بسائر الحقائق ، ومنها المعطيات الرياضية الأولية التي هي أزلية وثابتة مثل المستقيم و الدائرة و التعريف الرياضي و يقول في هذا الصدد " الدائرة هي الشكل الذي تكون جميع أبعاده متساوية عن المركز " 

ب : أما الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت يرى أن المعاني الرياضية من أعداد و أشكال رياضية هي أفكار فطرية مثل فكرة الله و ما يلقيه الله في الإنسان من مفاهيم لا يجوز فيه الخطأ . و ديكارت قبل أن يصل إلى رسم منهجه المعرفي و اكتشافه لفكرة الكوجيتو كان قد شك في كل المعارف التي تلقاها من قبل إلا المعاني الرياضية التي وجدها تتميز بالبداهة والوضوح وعلى منوالها فيما بعد بنى نظرتيه المعرفية مؤسسا لمذهب العقلي .

ج : أما زعيم الفلسفة النقدية الفيلسوف الألماني كانط يعتبر أن المكان و الزمان مفهومان مجردان سابقان لكل تجربة و لا يمكن للمعرفة أن تتم إذا لم تنتظم داخل إطار الزمان والمكان القبليان 

النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية مجردة فإنه لايمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات الحسية و إلا كيف يمكننا أن نفسر الاتجاه التطبيقي للهندسة والحساب لدى شعوب الحضارات الشرقية القديمة .

2 - نقيض الأطروحة :إن المفاهيم الرياضية مثل جميع معارفنا فيما يراه الحسيون و التجريبيون أمثال جون لوك و دافيد هيوم و جون ستيوارت ميل لم ترد على الإنسان من أي جهة أخرى غير العالم الواقعي الحسي أو التجريبي فهو مصدر اليقيني للمعرفة ، وبالتالي لجميع الأفكار و المبادئ ، و أن كل معرفة عقلية هي صدى لإدركاتنا الحسية عن هذا الواقع و على هذا الأساس ، تصبح التجربة المصدر اليقيني لكل معارفنا ، و أنها هي التي تخط سطورها على العقل الذي هو شبيه بالصفحة البيضاء و ليس ثمة في ذهنه معارف عقلية قبلية مستقلة عما تمده لنا الخبرة وتلقنه له الممارسات و التجارب ، و في هذا يقولون " لا يوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة " و أدلتهم كثيرة نبينها فيما يلي : 

أ : فمن يولد فاقد للحاسة فيما يقول هيوم ، لا يمكنه بالتالي أن يعرف ما كان يترتب على انطباعات تلك الحاسة المفقودة من أفكار . فالمكفوف لا يعرف ما اللون و الأصم لا يعرف ما الصوت . أما ميل يرى أن المعاني الرياضية كانت " مجرد نسخ " جزئية للأشياء المعطاة في التجربة الموضوعية حيث يقول : " إن النقاط و الخطوط و الدوائر التي عرفها في التجربة ". و لهذا ، فإن الرياضيات تعتبر عند ميل و غيره من الوضعيين المعاصرين علم الملاحظة 

ب : توجد شواهد أخرى تؤيد موقف التجربين منها أصحاب علم النفس و أصحاب علم التاريخ . فالطفل في نظر علماء النفس في مقتبل عمره يدرك العدد مثلا ، كصفة للأشياء و أن الرجل البدائي لا يفصله عن المعدود ، إذ نراه يستخدم لكل نوع من الأشياء مسميات خاصة ، و أكثر من ذلك فلقد استعان عبر التاريخ عن العد بالحصى و بالعيدان و بأصابع اليدين و الرجلين و غيرهما و هذا ما يدل على النشأة الحسية و التجريبية للمفاهيم الرياضية بالنسبة للأطفال و البدائيين لا تفارق المجال الإدراكي الحسي و كأنها صفة ملابسة للشيء المدرك . و أكد الدارسين لتاريخ العلم أن الرياضيات قبل أن تصبح معرفة عقلية مجردة قطعت مرحلة كلها تجريبية فالهندسة ارتبطت بالبناء والتصاميم و تقدير مساحات الحقول و الحساب ارتبط بعد الأشياء فقط من أجل تحديد القيمة . الجمع و الطرح و القسمة و الضرب و هذا ما نجده عند الفراعنة و البابليين .

النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية محسوسة و تجريبية فإنه لا يمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات العقلية التجريدية و إلا كيف يمكننا أن نفسر المطلقية في الرياضيات " الرياضيات تكون صحيحة متى ابتعدت عن الواقع " و تأثيرها على جميع العلوم إلى درجة أصبحت معيار كل العلوم .

3 - التركيب : المفاهيم الرياضية وليدة العقل و التجربة معا 

نجد أن المهذبين المتعارضين في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية قد فصلوا تماما بين العقل و التجربة ، رغم أن تاريخ الرياضيات يبين لنا أن المعاني الرياضية لا يمكن اعتبارها أشياء محسوسة كلها ، و لا مفاهيم معقولة خالصة ، بل يمكن أن يتكاملا معا لتفسر نشأة المعاني الرياضية ، لأن هذه المعاني لم تنشأ دفعة واحدة ، بل نمت و تطورت بالتدرج عبر الزمن ، فقد بدأت المفاهيم حسية تجريبية في أول أمرها ، ثم تطورت و أصبحت مفاهيم استنتاجية مجردة ، بل تعبر عن أعلى مراتب التجريد ، باستعمال الصفر ، الأعداد الخيالية ، و المركبة ، و المنحنيات التي لا مماس لها ...لهذا قال " بياجي " : " إن المعرفة ليست معطى نهائيا جاهزا ، و أن التجربة ضرورية لعملية التشكيل و التجريد " 

حل المشكلة :و عليه يمكن القول :

إن الرياضيات هي عالم العقل و التجريد ، و ليس هناك حد يقف أمام العقل في ابتكار المعاني الرياضية ، و في الكشف عن العلاقات ، و توظيفاتها ، و هي حرية لا يحدها سوى أمر واحد هو الوقوع في التناقض . و هذا ما يؤدي إلى الخطأ أو فساد النسق الاستدلالي .

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (687ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
هل أصل الرياضيات العقل أم التجربة
بواسطة (687ألف نقاط)
مقالة فلسفية جدلية : أصل الرياضيات عقلي ام تجريبي " العقل ام التجربة"

السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أعزائي الطلبة في اطار المقالات الفلسفية الموجهة لطلبة البكالوريا نقدم لكم اليوم مقالة جدلية : أصل الرياضيات العقل ام التجربة
مقالات فلسفية
المقدمة : إن من طبيعة الإنسان العاقلة انه دائم البحث والتأمل عما يحيط به لاكتشاف الحقائق والمعارف و لقد اكتشف بعد فترات متعاقبة عدة علوم من بينها الرياضيات ، التي تعد علم مجرد يقوم بدراسة الكميات المجردة والقابلة للقياس ،وكميات منفصلة ليس لها علاقة بالواقع مجردة قابلة للقياس وتخص مجال الجير وكميات متصلة لها علاقة بالواقع وتشمل مجال الهندسة ويمكن الجمع بينها بما يسمى الهندسة التحليلية .وحول أصل الرياضيات حدث جدال في الأوساط الفلسفة ، فهناك من يرى ويعتقد أن أصلها عقلي وهناك البعض الأخر يرى أن أصلها هو التجربة. فهل أصلها عقلي أم تجريبي؟
محاولة حل المشكلة :
1-الموقف الأول "عقلي": يرى العقليين بأن الرياضيات أصلها يعود إلى العقل باعتبار أن العقل يورث من مبادئ فطرية سابقة لتجربة الحسية وتتميز بالدقة والبداهة والوضوح .فكل ما يصدر عن العقل من معاني ومفاهيم يعتبر ضروريا وكليا ومطلقا إذا فالرياضيات هي جملة من المعاني والمفاهيم المجردة التي أنشاها الذهن دون اللجوء إلى الواقع الحسي التجريبي ففي العقل توجد مبادئ قبلية سابقة لتجربة وهذا ما أكده كل من"" أفلاطون وديكارت و كانط" .باعتبارهم أن أصل كل المفاهيم الرياضية هو العقل فأفلاطون "اعتبر أن المعارف والحقائق توجد في عالم المثل من بينها الرياضيات التي تمتاز بالمطلقية و الكمال ولا نستطيع الوصول إلى هذه المعارف إلا بالعقل وحدة.وهو الذي يدركها وهذا ما أكده أيضا" ديكارت "باعتباره أن المفاهيم الرياضية أصلها عقلي لان المعاني الرياضية هي أفكار فطرية موجودة مع وجود الإنسان مثل فكرة الله فهذه الأفكار تتصف بالبداهة واليقين و البساطة وفي هذا يقول" العقل أعدل قسمة بين الناس" وهذا يعني أن القدرات العقلية يشترك فيها جميع الناس ويضيف "كانط" القوال بأن فكرتي الزمان والمكان مجردان و لا علاقة لها بالواقع وبالتجربة و الرياضيات قائمة على هذين المبدأين ، فالزمان يقدر بالجبر والمكان بالهندسة.
النقد: بالرغم من أهمية العقل في إدراك وتجريد المفاهيم والمعاني الرياضية إلا انه لا يمكن أن ترتبط فقط بالمعطيات العقلية بل يمكن أن ترتبط بالتجربة و الواقع الحسي أو التجريبي.
2- الموقف الثاني: التجريبي": يرى التجريبيون أن الرياضيات أصلها يعود إلى التجربة المعاني والأفكار الرياضية لم تأتي من العدم وبالتالي فهي ليست قبلية خالصة بل هي مستمدة من الواقع الحسي وهذا ما أكده كل من "جون لوك و حون ستيوارت مل و دافيد هيوم " حيث إعتبرو أن الواقع الحسي آو التجريبي هي المصدر اليقيني للمعرفة أي بمختلف الأفكار والمبادئ وبهذا فالتجربة هي أصل الرياضيات وفي هذا يقولون " لايوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة " هذا إضافة إلى آن الطفل يتعلم العد و الحساب بالاعتماد على أصابعه و الحواس و الأشياء الواقعية الحسية و الإنسان البدائي أيضا في عملية حسابه يعتمد على الحصى من الواقع و الأصابع وهذا يعني أن المفاهيم الرياضية بالنسبة إلى الأطفال و البدائيين لا تخرج عن نطاق الحواس و نطاق إدراكهم و هذا إضافة إلى إن تاريخ العلوم يؤكد أن الرياضيات لم يصبح علما يقينيا إلا بعد ما مر بمراحل تجريبية كمجال الهندسة .باعتبار أن المفاهيم و
النقد: بالرغم من أهمية التجربة الحسية في تكوين المفاهيم الرياضية إلا أن العقل يمكن أن يكون له دور في تبيان طبيعة وحقيقة هذه المفاهيم وبالتالي يمكن إرجاع الرياضيات إلى أصل عقلي.
التركيب : من هنا يمكننا القول أن الرياضيات يعود أصلها إلى التلاوم بين العقل والتجربة فلا وجود لمعاني مثالية خالصة دون اللجوء إلى العالم الخارجي الواقع الحسي و لا وجود للأشياء الحسية في غياب الوعي الإنساني و المفاهيم الرياضية مرتبطة بالعقل والحواس مهما كانت علم مجرد الا أنها ترتبط بالتجربة والمعرفة العقلية اي لها قيمة في عملية التجريد وف هذا يقول كانط " إن المفاهيم الخالية من الحواس عمياء والحواس الخالية من المفاهيم جوفاء"
الخاتمة : نستنتج أن الرياضيات تعود إلى أصول تجريبية وعقلية لأنه لا يمكن الفصل بين العقل والحواس لان مانراه بالحواس ندركه بالعقل.
مرحبًا بك إلى المعلم الناجح، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...