0 تصويتات
في تصنيف بكالوريا 2025 بواسطة (687ألف نقاط)

هل المفاهيم الرياضية حسية أم عقلية - مقالة فلسفة تابعة لدرس فلسفة الرياضيات

- الأقسام المعنية: ثالثة علوم تجريبية/ ثالثة هندسة الطرائق/ ثالثة آداب وفلسفة

مقالة جدلية بكالوريا 2024 2025 

هل المفاهيم الرياضية حسية أم عقلية؟

  نسعد بكم أعزائي الطلاب والطالبات في << المعلم الناجح >> يسرنا بزيارتكم أن نقدم الاجابة على أسئلتكم المتنوعة من مناهج التعليم الحديث من مصدرها الصحيح ولكم الأن إجابة السؤال ألذي يقول....هل المفاهيم الرياضية حسية أم عقلية

الإجابة الصحيحة هي : 

 . هل المفاهيم الرياضية حسية أم عقلية

مقدمة:

(التمهيد يكون حول الرياضيات للتلميذ كامل الحرية في كيفية صياغته)

لقد اختلف المفكرون وفلاسفة الرياضيات في موضوع أصل المفاهيم الرياضية ونتج عن هذا الاختلاف موقفان متعارضان؛ موقف حسي تجريبي يرجع أصل المفاهيم الرياضية إلى التجربة الحسية وموقف عقلي يؤكد على طابعها التجريدي، والتساؤل الذي يطرح هنا من خلال التعارض الحادث بين الموقفين: هل المفاهيم الرياضية انبثقت من العقل أم من التجربة؟

 أو بصيغة أخرى:

هل مصدر المفاهيم الرياضية حسي تجريبي أم عقلي مجرد؟

 

الموقف1 : 

يرى أنصار هذا الموقف أن المفاهيم الرياضية مستمدة من التجربة الحسية والملاحظة العينية كما أنها وإن بلغت أقصى مراتب التجريد والاستقلال عن الحس ليست فطرية في العقل بل هي مكتسبة عن طريق الحواس، فقد اكتسبها العقل بالملاحظة والتجربة فهي مستمدة من المحسوسات، ويمثل هذا الموقف مجموعة من الفلاسفة البريطانيين من أمثال: دافيد هيوم، جون لوك، جون ستيوارت ميل، والعالم الإيطالي غاليلي. وقد دعموا موقفهم ببعض الحجج حيث يرى دافيد هيوم أن من يولد وهو فاقد لحاسة ما لا يمكنه أن يعرف ما يترتب من انطباعات على تلك الحاسة المفقودة من معاني وأفكار بما في ذلك المعاني والمفاهيم الرياضية، ونفس الرأي عند جون ستيوارت ميل إذ يقول: "أن النقاط والخطوط والدوائر التي يحملها كل واحد منا في ذهنه هي مجرد نسخ من النقاط والخطوط والدوائر التي عرفت في التجربة". ويقول العالم الإيطالي غاليلي في نفس الصدد: " إن الرياضيات هي كتاب الطبيعة المفتوح" ومعنى ذلك أن كل ما في الطبيعة يوحي بموضوعات الرياضيات أشكالا كانت أم أعدادا. ولعل أكبر دليل على أن المفاهيم الرياضية ذات بعد حسي وعملي تجربية مسح الأراضي عند قدماء المصريين التي كانت سببا في نشأة الهندسة، وكذلك استخدام بعض الشعوب القديمة للحصى والأصابع والعيدان ( جمع عود) ونواة التمر للحساب أو العدّ.

كما كشف علم النفس المعرفي أن الطفل الصغير يبدا تعلم الرياضيات بالحواس عن طريق اللمس والرؤية وبعدها يدركها عن طريق عقله؛ أي أنه لا يدرك العدد كصيغة رمزية مجردة إلا إذا جسدناها له في شكل محسوس ( الخشيبات والقريصات) التي تعتبر وسائل بيداغوجية مساعدة على التعلم. 

■نقد ومناقشة:

إذا سلّمنا بأن المفاهيم الرياضية مُستمدة من التجربة الحسية كباقي مفاهيم العلوم فكيف نفسر تفاوت الناس واختلافهم في إدراكها وفقا لتباين قدراتهم العقلية، وماذا عن الصيغ الرمزية والموضوعات المعقدة والمباحث التي تتناولها كالمعادلات والدوال على اختلافها، هل لها ما يقابلها في الواقع الحسي؟!

الموقف 2:

يرى هذا الموقف أن المعاني الرياضية نابعة من العقل

وموجودة فينا قبليا بمعنى أنها سابقة عن كل معرفة حسية تجريبية؛ فهي توجد في العقل بصفة فطرية ولا تكتسب عن طريق التجربة، فالطبيعة مثلا لا تحتوي على الأعداد وإنما على كثرة مبعثرة من الأشياء المادية، وكذلك المكان الهندسي الذي يوصف بأنه فراغ مجرد ولا نهاية له لا يشبه في شيء المكان الحسي الذي نعرفه في التجربة، ويمثل هذا الموقف عدد من الفلاسفة منهم –أفلاطون، ديكارت، اسبينوزا، كانط.

حيث يرى أفلاطون أن المفاهيم الرياضية هي أوليات توجد في العقل وتكون واحدة في الذات ثابتة وأزلية مصدرها العالم المثالي أو عالم الأفكار، فالإنسان يبدا بتذكر المعرفة الرياضية التي تعلمها في العالم المثالي عن طريق نظرية التذكر يقول أفلاطون: "المعرفة تذكر والجهل نسيان"

ويذهب كانط إلى أن مفهوم الزمان والمكان والعلية مفاهيم سابقة عن التجربة فهي قوالب قبلية او مقولات لا تستند الى المعطى الخارجي. أما روني ديكارت فرأى بأن المفاهيم الرياضية هي مفاهيم عقلية بديهية وواضحة بذاتها لا تحتاج الى برهان وبداهتها تماثل بداهة الكوجيتو "أنا أفكر إذن فأنا موجود" ، كما أن الأعداد والأشكال الرياضية أفكار فطرية موجودة في النفس وهي أزلية أيضا وموجودة منذ القدم .

■نقد ومناقشة :

صحيح ما ذهب إليه انصار الاتجاه العقلي بتاكيدهم على الطابع العقلي والتجريد ي للرياضيات د، فهي من اكثر العلوم إغراقا في التجريد والتنظير وبعدا عن المعطيات الخسية، ولكن لا يجب أن ننكر الحقيقة التاريخية التي يؤكدها تاريخ العلوم والمتمثلة في دور الواقع العملي في تطور الرياضيات وارتقائها تجريديا من المحسوس إلى المجرد ( انتقال مجال الهندسة مثلا من الهندسة العملية إلى الهندسة كعلم له نظرياته وأنساقه المعرفية). 

■التركيب :

الواقع أن النظر إلى تاريخ الرياضيات يثبت لنا أن المفاهيم الرياضية لا يمكن أن تكون محسوسات تجريبية ولا مفاهيم مجردة عقلية والرأي الأمثل يتمثل في تكامل كلا الجانبين في موقف واحد وهو تكامل كل من التجربة الحسية والقدرات العقلية في نشأة المعاني الرياضية.د، فقد بدأت الرياضيات حسية تجريبية وعملية ثم انتقلت إلى المعقول أو المجرد ( مقولة جورج سارطون)

 

■ حل المشكلة:

     ما نخلص إليه في الأخير هو التأكيد على أن المفاهيم الرياضية مرت في مسيرتها الطويلة بمراحل وتحولات شهدها تاريخ العلوم والمعارف بوجه عام؛ فقد بدأت بداية حسية وقطعت مراحل عديدة تجريبية وعملية مباشرة، ثم تطورت شيئا فشيئا لتتحول إلى علم عقلي مجرد له أسسه وأصوله ومبادئه ونظرياته وأنساقه، بل يمكن القول انها اكثر العلوم إمعانا وإغراقا في التجريد، مع التأكيد أيضا على الدور الأولي للتجربة الحسية في هذه التطور الكبير العميق الذي شهدته علم الرياضيات ولا تزال تشهده في اللحظة الحضارية الراهنة.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (687ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
هل المفاهيم الرياضية حسية أم عقلية

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى المعلم الناجح، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...