مقالة فلسفية حول العلاقات الاسرية والانظمة الاقتصادية والسياسية
نسعد بكم أعزائي الطلاب والطالبات في << المعلم الناجح >> يسرنا بزيارتكم أن نقدم الاجابة على أسئلتكم المتنوعة من مناهج التعليم الحديث من مصدرها الصحيح ولكم الأن إجابة السؤال ألذي يقول... مقالة فلسفية حول العلاقات الاسرية والانظمة الاقتصادية والسياسية .
الإجابة الصحيحة هي :
مقال في العلاقات الاسرية والانظمة الاقتصادية والسياسية
المقدمة و طرح المشكلة :
من الحقائق المسلم بها أن الإنسان منذ بواكير تاريخه لا يعيش في تفاعل مع الطبيعة فقط ، بل يعيش مع جماعة، في مجتمع . فهو كما يقول الفلاسفة و علماء الاجتماع كائن اجتماعي بطبعه لا يستطيع أن يحفظ وجوده في الواقع إلا من خلال الآخرين ، و من ثم نجد الإطار الاجتماعي بمثابة المبرر المنطقي من وراء ظهور المؤسسات و التنظيمات الثلاثة الأساسية : الأسرة و الاقتصاد و الدولة ، و من هذا نتساءل : إذا كان التغير الذي يتغلغل في حياتنا اليومية أصبح أمرا واقعا ، أليس من الحكمة إعادة قراءة مكتسباتنا القيمية و التراثية في مجال العلاقات الأسرية و نظمنا الاقتصادية و السياسية ؟
I – كيف بمكن للأسرة أن ترتقي بمكتسبات و قيم التراث باتجاه معالجة مشكلاتها الجديدة :
لا شك في أن المجتمع الإنساني لهذا العصر يدفع بالأسرة إلى إعادة تقويم وظيفتها الأخلاقية و التربوية في مواجهة شيوع نزعة التفكك الاجتماعي و التحلل من قيود الموروث ، و ما أدى إليه من تنامي روح المغامرة و التمرد على مستوى الأفراد ، مما يدعونا إلى التساؤل : إذا كانت الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع و ثمرة لنظام الزواج ، فما هو الدور الأساسي الذي تلعبه في النسق الاجتماعي ؟و إذا كانت الحياة الزوجية تتعرض لعوائق داخلية و خارجية تمثل تحديات أمام الأسرة ، فما هي هذه التحديات الجديدة ؟ و كيف السبيل إلى مواجهتها ؟
أولا : الأسرة كيان اجتماعي متطور :
1 – الزواج أساس قيام الأسرة : إن الأسرة تساعد الفرد على الاندماج في المجتمع و قد تطورت من حالة التنظيم المشاعي التنظيم المعروف حاليا بالزواج الأحادي مرورا بالنظام الأميسي ( matriarcat ) ثم النظام الأبيسي ) patriarcat ) .
2 – من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النواة : الأسرة الممتدة هي الأسرة التي تشتمل على أكثر من جيلين : جيل الأجداد و جيل الآباء و جيل الأحفاد ، و لكن نظرا لتعقد أساليب الحياة المعاصرة اتجهت الأسر إلى الأسرة النواة المشتملة على الولدين و الأبناء فقط .
ثانيا : مشكلاتها الوظيفية :
1 – طبيعة وظائفها التنوع : للأسرة وظائف متعددة و من أهمها :
أ – وظيفة بيولوجية ، تتمثل في إنجاب الأطفال و حمايتهم وتنحصر في العلاقات الزوجية و الغريزة التي يحفظ بها النوع الإنساني .
ب – وظيفة سيكولوجية ، تتمثل في توفير الحب و الحنان و الرعاية النفسية للأطفال .
ج – وظيفة تربوية ، تتمثل في تربية الأطفال و تهيئتهم للتكيف مع الواقع الاجتماعي .
د – وظيفة اقتصادية : تتمثل في توفير الحاجات الضرورية الأساسية لأعضائها .
2 – تحديات جديدة أمام الأسرة :
إن اخطر ما يتهدد الأسرة هو النزعة الأنانية الفردية من احد أفرادها ، بالإضافة إلى أن الطلاق هو اكبر دليل على تصدع الأسرة و انهيار مقوماتها ،و مثل هذه التحديات الجديدة تعصف بكيان الأسرة مما يقتضي مواجهتها بعصرنة أساليب التربية .
II- ثم كيف يتأتى للعمل أن يرفع من شأن تلك المكتسبات و القيم في ضوء تحديات العولمة ؟
- أولا : من العمل إلى الاقتصاد ( المبادئ و النظم ) :
1 – تطور مفهوم العمل و إفرازاته الاقتصادية :
إن المجتمعات البشرية في بداية تكوينها كانت تعيش على الأغلب نوعا من الاقتصاد البدائي حيث كان الإنسان جامعا للغذاء لا منتجا له ، و قد غلب على العمل الطابع الزراعي و هذا ما تجسد عند اليونانيين في مجتمع المدينة حيث وظف العبيد في العمل الزراعي ، و لكن لما جاء الإسلام غير النظرة إلى الشغل و أضفى عليه الجانب و حوله إلى قيمة أخلاقية عليا بل إلى عبادة . و هذا التطور أفرز آثارا اقتصادية أهمها :
أ – الثروة الإنتاجية : و تتمثل في المنتجات و ما لزم منها لضمان استمرار الإنتاج .
ب – ملكية الفرد و الجماعة لوسائل الإنتاج : تعبر الملكية الناتجة عن العمل سواء كانت خاصة أو عامة ، عن ميل فطري في الإنسان لتملك الإنتاج و وسائله .
ج – المبادلة و تقسيم العمل : حين تنوعت حاجات الإنسان و نمت و تعددت السلع اضطر المجتمع إلى تقسيم العمل بين أفراده
2 – النظم الاقتصادية و توجهاتها :
السؤال : ما هو الشكل الأفضل لتنظيم الحياة الاقتصادية ، هل هو النظام الرأسمالي أم النظام الاشتراكي ؟
ثانيا : قيم العمل و تحديات العولمة :
1 – قيم العمل في أبعاده الإنسانية :
العمل مجهود يقوم به الإنسان بوعي منه بالأسباب و النتائج ، في إطار الإلزام الخلقي و الاجتماعي ، و ذلك من أجل تحقيق أمر نافع للفرد و الجماعة ، و بهذا المعنى يكون وسيلة لرقي الإنسان المادي و المعنوي ، فضلا عن أنه يعكس تطوره الاجتماعي و الاقتصادي .
2 - العولمة ( المشكلات و الحلول ) :
تمثل العولمة ذلك التدخل الواضح في أمور الاقتصاد و الاجتماع و السياسة و الثقافة و السلوك دون مراعاة الحدود السياسية للدول ذات السيادة ، فعلى المستوى الاقتصادي تفرض العولمة أن تجري العمليات الاقتصادية على نطاق عالمي بعيد عن سيطرة الدولة القومية ، فالاقتصاد المعولم يقع خارج نطاق تحكم الدولة القومية مما يزيد من حدة الصراع و التنافس بين الشركات المتعددة الجنسيات نظرا لوجود رأسمال طليق بلا قاعدة وطنية و بإدارة عالمية فتفقد الدولة الكير من وظائفها في المجالين الاقتصادي و العسكري ، و من آثار العولمة كذلك وجود فقراء في دول غنية نتيجة لتقليص المزايا الاجتماعية للعمال، و في النهاية فإن المستفيدين من العولمة هم أصحاب رؤوس الأموال .
منة جهة أخرى ، يرى بعض الدارسين أن العولمة تفتح فرصا هائلة لتحرر الإنسانية بما تتيحه من تفاعل بين مختلف مكوّناتها و بما تعمل على تحريره من طاقات و علاقات ، و على تجاوزه من محابس و مراقبات بفعل التدفق الحر للقيم و المنتجات و المعلومات و الأفكار و المخترعات .
إن الاستفادة من العولمة يمكن أن تتحقق متى استلهمنا النموذج المطبق حاليا في بعض الأمم و الذي مكنها من أن تصبح ذات قدرات تنافسية أكبر ، و يرجع هذا إلى أن إحساس الفرد بالأمان الاجتماعي في بلده و تلقيه تعليما راقيا ، و مواكبته لكل التطورات التكنولوجية يجعله أكثر إبداعا و إنتاجية و أكثر إقبالا على اخذ المبادرة .
III – و هل بوسع الدولة أن تراهن على تفعيل تراثها القومي بما يواكب تحولات العصر ؟
- أولا : وظيفة الدولة بين القانون و الأخلاق :
1 - الأركان القانونية الأربعة للدولة :
للدولة أربعة شروط لقيامها هي : السكان ، الإقليم ، السلطة ، السيادة سواء كانت داخلية أو خارجية .
2 – وظيفة الدولة من حيث هي حامية لقيم الفرد و راعية لها :
أ – حماية القيم الفردية و الدفاع عنها : يرى جون لوك أن الدولة قامت أساسا من أجل حماية الأشخاص و ممتلكاتهم و حريتهم .
ب - غاية الدولة رعاية الصالح العام : و تتجلى هذه الرعاية في : الرعاية الاقتصادية و الاجتماعية ، و الرعاية السياسية .
- ثانيا : من مشروعية الحكم إلى عالمية النظام :
1 – أسس السلطة السياسية الفردية ( الحكم المطلق ) : و هو من أقدم أنظمة الحكم التي عرفتها البشرية ، و قد دافع عنه بشدة و برره على نحو فلسفي الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز ، و من أشكاله الرئيسية الحكم الملكي حيث يكون مصدر السلطة هو الوراثة ، الحكم الديني الثيوقراطي ، الحكم الاستبدادي حيث يكون مصدر السلطة هو القوة .
2 – أسس السلطة السياسية الجماعية ( النظام الديمقراطي ) : و تعتبر الديمقراطية اليونانية من أشكالها البدائية ، و الديمقراطية هي نوع من الحكم الجماعي ،و يعتبر ج ج روسو أبرز من دافع عن النظام الديمقراطي ، حيث يتوقف مفهومها عنده على السيادة و الحرية و المساواة ، و السيد الحقيقي عنده هو الشعب و ليس الحاكم لأن هذا الأخير خاضع للإرادة العامة و للسلطة التشريعية ، و لذلك يقول : " ليس تأسيس الحكومة عقدا بل قانونا ، و أن الذين تودع لهم السلطة التنفيذية ليسوا أسيادا للشعب إنما موظفوه ، و بوسع الشعب رفعهم أو خلعهم عندما يرغب في ذلك " ، و عرفت الديمقراطية عبر التاريخ أشكالا مختلفة ، و من هذه الأشكال :
أ - الديمقراطية المباشرة :و هي نظام الحكم الجماعي الذي ظهر في العهد اليوناني ، حيث كان النبلاء وحدهم يحق لهم الانتخاب و حضور المجالس ، ثم تطورت تلك الديمقراطية إلى جميع المواطنين الأثينيين ، غير أنه لا يعد مواطنا كل من ينتمي إلى الدولة ، بل المواطن الحق كل ذكر حر بلغ سن العشرين، و في حالات استثنائية كان الأثينيون يعطون حق المواطنة للأجانب .
ب – الديمقراطية التمثيلية :لما كان من المستحيل تطبيق الديمقراطية المباشرة في المجتمعات الحديثة و المعاصرة اتجه البشر إلى أسلوب آخر لتنفيذ إرادة الشعب و ممارسة السلطة باسمه و هي ما يعرف بالديمقراطية النيابية ، حيث يختار الشعب ممثليه عن طريق الانتخاب ، و قد عرفت الديمقراطية النيابية هي الأخرى شكلين رئيسيين هما :
- الديمقراطية الليبرالية : وقد ارتبط وجودها بظهور السوق الرأسمالية و بروز الطبقة البرجوازية ، و يسمح فيها بالحرية السياسية ، و التعددية الحزبية ، أي أنها نقلت ميدان الحرية من مجال الاقتصاد إلى مجال السياسة ، كما هو سائد في أغلب الدول الأوربية الغربية حاليا .
- الديمقراطية الاشتراكية : و قد ارتبط وجودها بالفلسفة الاشتراكية ، لأن الديمقراطية لا تكون الا في المجتمعات التي تخلصت من الطبقية ، و في هذا النوع من الديمقراطية لا يسمح بالتعددية السياسية ، بل أن حزب واحد هو الذي يقود الدولة عن طريق الانتخاب من بين مرشحي الحزب كما هو سائد حاليا في الصين و في كوبا .
3 – الديمقراطية بين القيم العالمية و الخصوصيات المحلية :
إن العلاقات الدولية المعاصرة تعاني من أزمة أخلاقية يصعب تجاوزها بمجرد سن قوانين دولية ، حتى و إن كانت هذه القوانين تجسد قانون المواطن العالمي ، ثم أن القول بفكرة المواطن العالمي يجعل من فكرة السيادة متناقضة لأن دعوة الدول للخضوع لهذا القانون و تجسيده في تشريعاتها تجعل السيادة لهذا القانون و ليس لسلطة الدولة .
إن الذي يجعل كثيرا من الباحثين يتحدثون عن إمكانية تطبيق الديمقراطية ، بل ضرورة هذا التطبيق ، هو أن كثيرا من القيم التي جاءت بها الديمقراطية لا تتنافى مع ما في قيمنا التراثية و عدم التنافي شرط كاف لقبول الوافد الدخيل و تكييفه ليتسق مع القيم السائدة في المجتمع .
الخاتمة و حل المشكلة :
إن قيمنا الخلقية المستمدة من موروثنا الحضاري ، و مخزون العقيدة في الذاكرة الجماعية تتخلل كافة تنظيماتنا الاجتماعية ، بدءا من علاقاتنا الأسرية وصولا إلى نظمنا السياسية و الاقتصادية و بالتالي تبقى تلك القيم منهلا نتشرب منه و نبراسا نهتدي به كلما كنا في الحاجة إلى التعامل مع تطورات العصر التي تلاحقنا كل يوم كما تظل هذه القيم ذاتها في حاجة إلى مراجعة و إعادة قراءة عميقة و متأنية حتى تنشط تفاعلاتنا كسلوك جماعي منظم من جهة ، و تكييف مواقفنا مع ما استجد و ما يستجد في الخارج من تحولات كبرى من جهة أخرى .